الزيادة أو التراجع في عدد رخص البناء، التي تصدر سنوياً من الأمانات والبلديات، وغالبيتها رخص سكنية، هو أحد أهم المؤشرات في قياس أداء قطاع اقتصادي مهم، هو القطاع العقاري، الذي يعد الإسكان أحد أهم مجالاته، فمعدل النمو في عدد هذه الرخص، يعكس مدى استجابة السوق العقاري للتغير في عدد السكان، وبالتالي تلبية احتياج هذا التغير من المنشآت العقارية، التي تأتي على رأس قائمتها المباني والوحدات السكنية، يضاف لها بطبيعة الحال المنشآت الأخرى من مباني المرافق والخدمات ذات الصلة.
الأمين العام للهيئة السعودية للمقاولين نبه في تصريح لوسائل الإعلام إلى حجم التحديات التي يمر بها قطاع المقاولات بشكل عام، مشيراً إلى واحد من أهم هذه التحديات، وهو التراجع في عدد رخص التشييد الصادرة التي ذكر بأن نسبة هذا التراجع بلغت العام الماضي 1438هـ (32 %)، مما بدأ يبعث القلق لدى الهيئة، لاسيما حين أوضح بأن ما تصل نسبته إلى (96 %) من منشآت قطاع المقاولات هي منشآت صغيرة ومتناهية الصغر تعتمد في نشاطها على تنفيذ المشروعات التي تصدر لها تلك الرخص كل عام.
الزاوية التي ينظر إليها الأمين العام للهيئة السعودية للمقاولين من هذه القضية تؤكد بأنها قضية متداخلة وذات أبعاد عديدة، فها نحن نجد أيضاً من ضمن نتائج مسح المساكن للعام 1438هـ، أن المساكن الجديدة نسبياً، التي يقل عمرها عن خمس سنوات، وتشغلها أسر سعودية، قد انخفضت نسبتها بمقدار (2.54 %) عن العام الذي سبقه 1437هـ، لتدنوا تلك النسبة إلى نحو (7.88 %) من إجمالي تلك المساكن، في مقابل ذلك ازدادت نسبة المساكن القديمة نسبياً أيضاً، التي يتجاوز عمرها الثلاثين سنة، بنسبة (2.41 %)، لتمثل (14.56 %) من إجمالي تلك المساكن، بما يوحي لمن يقف على تلك النتائج أن المساكن الجديدة هي إحلال للقديم فقط، وليس تلبية للطلب الجديد على المساكن، الأمر الذي قد يعزا إلى عدم كفاءة سياسات الإسكان التي نتبعها حالياً، وتبعات تلك السياسة على القطاع الخاص من الأفراد، الذي نعلم أنهم هم من يتولون في الوقت الحاضر توفير ما تصل نسبته إلى (80 %) من المساكن في المملكة، بل والأشد مرارة، وكما أشرت إلى ذلك من قبل، هو الخوف من أن يكون هذا التراجع في النمو لعدد رخص البناء النظامية التي معظمها رخص سكنية، يقابله ازدياد في نقيضها، أي المباني والمساكن غير النظامية، التي تفاجئنا في لحظة ما بنشوء نواة لبيئة عشوائية، ترهق كاهلنا في معالجة تبعاتها الاجتماعية والاقتصادية لعقود من السنوات.