تعقيدات الإسكان والمساكن يبدو أنها لا تنتهي، ففي آخر إحصائية لهيئة الإحصاء كانت هناك إشارة متفائلة ومشجعة إلى ارتفاع نسبة تملك السعوديين للمساكن إلى 63% ولكن لم يلبث أن خرج المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للإحصاء تيسير المفرج، ليقول: إن نسبة امتلاك الأسر السعودية للمساكن والتي ذكرت في نتائج الإحصائية التي نشرتها الهيئة مؤخرا تصل إلى 49.8% وليس 63%، وأن ما انتشر هو قراءة خاطئة للإحصائية، حيث إن نسبة 63% هي تفصيل لكل أنواع المنازل غير المسلحة، حيث إنه في بعض الأحيان يعيش مع مالك المنزل وهو الأب 3 أو 4 أسر من أبنائه.
ليت المتحدث تركنا على ما نحن عليه، فنحن متعطشون لارتفاع أي نسبة إيجابية فيما يتعلق بالسكن والمساكن، ولكن يبدو أن ذلك نوع من أحلام اليقظة، لأن قضية السكن تحولت من حلم الى كابوس، طالما أن الوتيرة في هذا السياق بطيئة وغير فاعلة، ولكن في الواقع تبدو الحقيقة المرّة أهم من الكذبة الجميلة، لأننا بحاجة إلى جهد حقيقي وإنجاز مؤثر يرتفع بالنسب والإحصائيات ويضعنا في الطريق الصحيح إلى نسبة 100% التي لا تزال بعيدة للغاية من الواقع طالما أن الوقت يمضي والدراسات لا تزال تصدر دون تنفيذ أو تحقيق واقعي يلمسه المواطن، ولكن السؤال ينتقل من الهيئة الى وزارة الإسكان التي تعطيها الأرقام والنسب.. إلى متى تتجمد هذه الإحصائيات طوال سنوات دون أن تتقدم وترتقي إلى الطموحات؟
كثير من مثل هذه الأسئلة لا تجيب عنها «الإسكان» وربما ليست لديها إجابات، ولكن كيف السبيل الى تمليك للمساكن وإنهاء المعاناة؟ هنا نحتاج لتقنيات علمية ومشروعات مبتكرة من الجهات البحثية والقطاع الخاص والمؤسسات التي تنشط في الإسكان الخيري إلى جانب قطاع التطوير العقاري لأن هذا القطاع نفسه يعاني من بطء معالجات الوزارة وتوقف نشاطه بنسبة كبيرة لانتظاره وترقبه لتوجهات الوزارة وما إذا كانت شريكة في مشروعاته أو داعما لها أو خارج السوق العقاري دون أن تدخله بمشروعات تنسف مشروعاته وتقلل أرباحه، والتأثير السلبي على استثماراته، لذلك مطلوب وضوح أكثر في الخطط الاستراتيجية لوزارة الإسكان بما يوفر قدرا عاليا من الشفافية في السوق العقاري والخريطة العقارية حتى يستطيع كل باحث أو مهتم بالعقار اقتراح تقنيات مبتكرة لتوفير الوحدات السكنية التي يمكن أن تغطي الطلب بأيسر السبل مع دخول البنوك في المنظومة بتفعيل نظام الرهن العقاري.
من المهم معالجة قضية المساكن باستثمارات حقيقية وحلول مبتكرة ومتنوعة حتى تحصي الهيئة بصورة متقاربة ومتسارعة مزيدا من المنجزات في هذا المجال الذي لا يزال بطيئا وبعيدا عن الحل النهائي لأننا لا نزال نتبع ذات المسارات في المعالجة وعدم جدوى المشروعات القائمة وعدم تأثيرها في المنجز النهائي، ولذلك لا سبيل للصعود بالإحصائيات إلا بمرونة الوزارة وشفافيتها في عكس معطيات الواقع السكني والعقاري الذي يحتاج إلى الكثير من مشروعات الواقع التي تضيف ولا تتجمّد في محطة واحدة بلا منجزات أو مشروعات تستوعب الحاجة المتنامية والمتزايدة للمساكن، ولعلنا بانتظار أن نبقى على حلمنا أو ننام بنصف عين عسى نصحو ذات يوم وكل مواطن في مسكنه.