لو كنت أملك عصا موسى ومال قارون لمنحت كل مواطن أرضا وقرضا من صندوق التنمیة العقاري، لكنني لا أملكھما ولا الصندوق العقاري یملكھما أیضا، وبالتالي فمطالب عودة الصندوق لنظامه القدیم في منح القروض السكنیة لبناء المساكن مع منح الأراضي غیر منطقیة، لأن الصندوق غیر قادر على تلبیة الطلبات القدیمة ناھیك عن تلبیة الطلبات الجدیدة!
لنكن واقعیین، فعدد سكان المملكة تضاعف 3 مرات منذ تأسیس الصندوق عام 1975 ،ورأسماله الیوم مع معدل التحصیل یحتاج إلى نحو 40 عاما لتلبیة الطلبات الحالیة بمعدل 12 ألف طلب سنویًا، ویتوقع أن تتجاوز الطلبات المستقبلیة الملیون طلب، وبالتالي فإن قدرة الصندوق على مواكبة الطلب بوتیرته المتزایدة تبدو مستحیلة، كما أن من سلبیات نظامه في السابق أنه لم یفرق بین المواطن المستحق وغیر المستحق، فلا فرق بین فقیر بحاجة للسكن وغني یستطیع توفیر السكن، لذلك لا تتحقق عدالة الاستحقاق، والغایة الأخلاقیة من فكرة قیام الصندوق أصلاً، وبالتالي كانت ھناك حاجة ملحة لخلق آلیات وأدوات وطرق جدیدة للتعامل مع الأزمة السكنیة وتلبیة احتیاجات المجتمع!
أعلم أن البعض یشعر بحالة ارتباك في فھم وتقییم السیاسات الإسكانیة الجدیدة، لكن من المھم أیضًا فھم تحولات وتغیرات الظروف الاقتصادیة والكلفة التنمویة، وأنھا باتت تفرض واقعًا جدیدًا على الدولة في تنفیذ إستراتیجیات وبرامج التوازن المالي والتحول الوطني والرؤیة المستقبلیة مما فرض البحث عن سیاسات أكثر واقعیة وقابلیة للتنفیذ تجاه الإلتزامات وتحقیقھا!