لم تلق وزارة من الوزارات النقد اللاذع الذي تلقته وزارة الإسكان منذ نشأتھا، فقد جاءت الوزارة في وقت حرج من حیث النسبة المتدنیة جدًا للمواطنین الذین یملكون سكناً، ومن حیث تضاؤل الأمل بالحصول علیه في ظل أوضاع احتكاریة بسیطرة تجار العقار والأراضي ورفع الأسعار إلى حد لا یتحمله المواطن، ومع كل الأموال التي خصصت للوزارة والصلاحیات التي أعطیت لھا إلا أنھا تخبطت كثیرا في بدایتھا، وارتبكت وأربكت الناس معھا حتى فقدوا الثقة فیھا.
بھذه الصورة غیر المشجعة بدأت الوزارة مرحلتھا الجدیدة، وأصدقكم القول إنني لم أكن متفائلاً كثیرًا في اللقاء الحواري الذي نظمته عكاظ مع وزیر الإسكان وفریق عمله قبل عام وقلیل، فرغم معقولیة ومنطقیة طرحھم إلا أن شعورنا العمیق بأن موضوع السكن شائك جدا تتحكم فیه أطراف قویة ومتغلغلة ونافذة یجعل تصدیق الوزارة في قدرتھا على تنفیذ كل وعودھا أمرًا صعبًا، لكن یبدو الآن أن الوزارة بدأت تكسب الرھان بتحقیقھا كثیرًا من المصداقیة تمثلت في تنفیذ خططھا ومنھا تحقیق أكثر من المستھدف
لمنتجاتھا في عام 2017 من خلال برنامج سكني الذي استھدف تحقیق 280 ألف منتج لكنه تجاوز ھذا الرقم، وكان آخر إنجازاته مشروع بوابة التحلیة في مدینة جدة، الذي قدم خلال الأسبوع الماضي 1952 وحدة سكنیة من نوع شقق بالبیع على الخارطة بالشراكة مع القطاع الخاص بموعد تسلیم لا یتجاوز 3 أعوام كحد أقصى، وبأفضل المواصفات، وكجزء من الدفعة الأخیرة لمنتجاتھا التي بلغت 36798 منتجًا سكنیًا وتمویلیًا.
الوزارة بالتأكید تجاوزت عنق الزجاجة بكسرھا الحاجز النفسي مع المجتمع عندما استطاعت تقدیم أشیاء ملموسة في قضیة السكن، لیس في المناطق النائیة والمدن والقرى الطرفیة والحدودیة بل أیضا في المدن الرئیسیة كما ھو مشروع بوابة التحلیة، وعندما نعلم أن الوزارة سوف تتسلم ملایین الأمتار لأراض عادت إلى الدولة، وأن ھناك توجھا لزیادة دعم برامج الإسكان كما جاء في خطاب الملك سلمان، فإننا نعول كثیراً على وزارة الإسكان في حلحلة وتبسیط مستقبل السكن الذي یمثل قضیة جوھریة للمواطن، وقد كان ھماً مزمنا یعاني منه جعله یصبح ویمسي وھو یرفع عقیرته قائلاً: سكني الحبیب وھل أحب سواه، باعتبار السكن ھو الوطن الصغیر والحمیم، لیس مقارنة بالوطن الكبیر ولكن لأنه ضرورة حیاة المجتمع یطمح إلى مزید من النجاحات والمفاجآت لعام 2018 وما بعده في موضوع السكن مثلما تحقق ھذا العام بنجاح ملفت.