لا أحد ينكر أن هناك تحركات رسمية واسعة وواضحة لحل أزمة السكن في المملكة العربية السعودية، وأن رؤية المملكة 2030، أعطت هذه الأزمة حظها من الاهتمام والبرامج التي تعزز الحلول المناسبة لها، وهذا الأمر يجعلني متفائلاً أكثر من أي وقت مضى، بأن أغلبية المواطنين سيمتلكون منازل خاصة بهم في القريب العاجل.
تدرك حكومة المملكة، أهمية السكن بالنسبة للمواطن، باعتباره (السكن) أحد أساسيات الحياة مثل الأكل والشرب، وتدرك أيضاً أنه لا ينبغي أن يبقى المواطن بلا عنوان ثابت، متنقلاً بين مسكن وآخر، بحثا عن الأوفر والانسب، ومن هنا تحركت الحكومة قبل نحو خمس سنوات، معلنة عن إنشاء وزارة للإسكان، وفي حوزتها ميزانية قدرها 250 مليار ريال، لبناء 500 الف وحدة سكنية، أي بمعدل نصف مليون ريال لكل وحدة.
وفي الفترة الأخيرة، قرأنا العديد من الأخبار الرسمية، التي تشير بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة حريصة على توفير مساكن لمواطنيها، وتشير أيضاً هذه الأخبار من ناحية أخرى، إلى أن الفترة المقبلة ستشهد حركة متسارعة أكثر من ذي قبل، لحل أزمة السكن، إذ لا يخفى على الجميع أن هناك وقتا طويلا ضاع في إيجاد إسترايتيجية وآلية عمل تسير عليها وزارة الإسكان تعاطيها مع أزمة السكن في المملكة، ومنح الوقت الضائع المواطن الأمل الكبير مرات عدة، في إمكانية الحصول عن سكن خاص به، ثم انتزعه، مما سبب الإحباط واليأس لدى بعض المواطنين، ومنحهم إحساساً أن موعد امتلاك مسكن خاص لم يحن بعد، وجاءت رؤية المملكة 2030 لتحيي الأمل من جديد، وتؤكد أنه يمكن لمحدودي الدخل من المواطنين أن يمتلكوا منازل خاصة بهم.
ولأن “رمضان” شهر الخيرات والبركات، فكان هذا الشهر شاهداً على آخر علامات مهمة ومضيئة تؤكد حرص الحكومة على حل أزمة السكن بأي وسيلة كانت، ومن هذه العلامات العمل بنظام رسوم الأراضي البيضاء، والإعلان عن إقرار القرض المعجل ، وإعلان وزارة الإسكان أنها تنوي توسيع دائرة الشراكة مع شركات القطاع الخاص، لمشاركتها في بناء مشاريع الدعم السكني في ربوع المملكة، كل هذه الأحداث وقعت في شهر رمضان المبارك الحالي، ما يشير إلى رغبة أكيدة لدى الحكومة في حل أزمة السكن، بسن الأنظمة العقارية والتشريعات الجديدة.
في المقابل، لفت نظري عدم توعية المواطن بما تطرحه الحكومة من أنظمة وبرامج وتشريعات جديدة، وأخص بالذكر هنا “القرض المعجل”، الذي أؤمن أن جزءاً كبيراً من المواطنين لا يعلمون عنه شيئاً، وأن بعض الذي يعلم بهذا القرض، ربما لا يعلم مزاياه أو سلبياته، وهو ما يؤكد أن هؤلاء لن يستفيدوا من هذا القرض أو غيره من منتجات برامج الإقراض التي يتم توفيرها للمواطن الذي يحتاج إلى سيولة لشراء أو بناء منزل العمر.
فقد لا يعرف الكثيرون أن صندوق التنمية العقارية يستعد – على أغلب الظن – لإطلاق برنامج القرض المعجل خلال الفترة المقبلة، وسيتم تفعيل البرنامج في مرحلته الأولى بالتعاون مع أحد البنوك، على أن يتم تفعيله مع بنوك أخرى بعد ذلك، وقد لا يدرك الكثيرون أن هامش الربح التنافسي الثابت على القرض يبلغ ١ في المئة فقط، وهي النسبة التي نجح الصندوق في التوصل إليها في مفاوضاته مع البنك، على أن يقوم المقترض بعد استكمال سداد أصل القرض للبنك بسداد أرباح القرض للصندوق على شكل أقساط شهرية متساوية خلال مدة ٥ سنوات، وأن القرض متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومعتمد من الهيئة الشرعية، ومن مزاياه أن العقار سيكون مؤمنا في حال الحريق أو الكوارث الطبيعية كما سيتم إعفاء المقترض في حال الوفاة أو العجز الكلي، هذه المزايا وغيرها قد لا يعلم بتفاصيلها الكثيرون، وبالتالي، ربما لا يقبلون على استثمار هذا القرض، ليس لسبب سوى أنهم غير مطلعين عبر برامج البنوك وشركات التمويل الخاصة، ويأخذون معلوماتهم من أقاويل الآخرين وتعليقاتهم على البرامج، التي قد تكون صحيحية أو غير صحيحية، ومن هنا أدعو مؤسسة النقد السعودي ووزارة الإسكان، والبنوك وشركات التمويل الخاصة لتنظم دورات ولقاءات من المواطنين، للتعريف بمنتجاتها وما بها من سلبيات وإيجابيات، ودعوة العملاء للاستفادة من هذه المنتجات، كل بحسب احتياجه، لأن للتوعية جوانب مهمة وأساسية، لابد أن يدركها المواطن، حتى يستطيع التعامل مع أزمة السكن بالطريقة المناسبة له.