منذ سنوات بسيطة لم يصب جهاز من أجهزة وزارة الإسكان المواطنين بالحيرة، مثل الجهاز المختص بالإسكان، والمسمى منذ إطلاق خدماته قبل أكثر من ثلاثين عاما صندوق التنمية العقارية، فقد بدأ الصندوق خدماته وكله طموح وانتهى أو توقف بطريقة غامضة، حتى قبل أن يبرئ ذمته من أؤلئك الموجودين على قائمة الانتظار، وبعض هؤلاء مضى على تقديمهم للصندوق خمسة عشر عاما! كان المفروض إذا كانت وزارة الإسكان تريد أن تتبع طريقة جديدة في الإقراض، ربما تراها أكثر مرونة من الطريقة السابقة، أن تعمد إلى تصفية التزاماتها السابقة، لا أن تترك الآلاف من المنتظرين في مهب الريح، علما بأن بعض الذين ينتظرون حلول موعد استحقاقهم للقرض، بنوا منازلهم بقروض، على أمل أن يتحللوا منها، أو من بعضها، عندما يأتي دورهم لاستلام قروضهم، لكن كل شيء توقف، حتى بتنا نقرأ عن خطط وسياسات إقراض جديدة، أنا والله لم أفهم شيئا منها!
كان من الممكن، مثلا، أن تعمّد وزارة الإسكان، بعض البنوك، بتصفية طلبات القروض المجمدة، على أن تتولى الوزارة تحمل الفوائد، وبعد تصفية هذه القوائم تشرع في إتمام أو الاستمرار في خططها الجديدة، إنها بذلك تعطي حقوقا التزم بتنفيذها، ثم جمدت لصالح أجندة جديدة قيل إنها أجدى، وهي في واقع الحال محبطة، ليس لمنتظري القروض فقط، ولكن لحركة سوق العقار، فهناك الآن ركود، وهناك غلاء في الإيجارات، وكل هذه الشواهد مضرة بدورة الاقتصاد المفتوح، الذي يعتمد على العرض والطلب، هناك دول كثيرة تنشط في بناء المساكن، عبر شركات ومؤسسات، ثم تقدمها حسب الأولوية بأسعار في متناول الجميع، وبفائدة رمزية أو بدون فائدة، هذه الآلية موجودة في الدول الفقيرة قبل الغنية، في الوقت الذي جمدت فيه، أو تباطأت وزارة الإسكان، في الاستمرار بتنفيذ ما التزم به صندوق التنمية العقارية، الذي لا ينكر الدور الذي قام به منذ بدايته، إلا مكابر!
في وجود صندوق التنمية العقارية، لم نكن نلاحظ هذه المغالاة، من البنوك والشركات العقارية، فقد أصبحت شروطها وفوائدها فوق طاقة الجميع، ولا أحد يتخيل أن تفوق الفوائد المركبة، التي يجنيها أي بنك أو شركة عقارية، القرض بمرة ونصف المرة، خلال المدة المحددة لتسديد القرض! ولم يكن أحد يتخيل أن مندوبي هذه الشركات يتحولون حالما يتم استلام القرض إلى أشخاص يهددون ويتوعدون، عند أي تأخر عن تسديد قسط، وهكذا يكون حال المقترض، من لحظة استلام القرض، وحتى لحظة تمامه في هم مقيم!
وكان بإمكان الصندوق العقاري أن يقوم بكل هذه المهام، بالتنسيق مع البنوك، بحيث يتم تسديد الأقصاد أولا بأول، من راتب أو مستحقات المقترض، وأن توضع آلية للفائدة، غير الآلية التصاعدية، التي تلجأ لها البنوك والشركات العقارية مع المواطنين، الذين باتوا يلجؤون إليها، عندما تم تجميد خدمات صندوق التنمية العقارية، بحجة البحث عن طرق أيسر وأسهل، لتوفير السكن لمستحقيه، وللمساهمة بالتالي في تخفيض أسعار الأراضي، فلم تنخفض أسعار الأراضي حسب الأهداف المطلوبة، لكنها تجمدت فلم يعد هناك من يبيع، ولم يعد هناك من يشتري، أما أسعار الإيجارات، فمازالت على حالها..
الخلاصة: ذوو الدخول المحدودة يريدون حلاً!