يبدو ان «بعارين» فساد البلدية، التي تحدث عنها سمو أمير البلاد، متوجهة حاليا من مكانها الى مكان آخر اكثر فسادا واكثر ضررا على المواطنين.
اعجبني كثيرا تصريح مدير عام البلدية الجديد المهندس احمد المنفوحي، بأن اصلاح البلدية قادم «مو بالطيب بل بالغصب» بعد ان فتح باب مخالفات البناء بالسكن الاستثماري والتجاري والخاص على مصراعيه، ولن يتم اغلاقه الا بازالة كل التعديات. وشعرت بنشوة الاصلاح «اذا ما كان المنفوحي عند كلمته فعلا» وقلت في نفسي وداعا يا بعارين الفساد.
ولكن يبدو ان البعارين هذه وجدت مستقرا لها في مكان آخر.. تنوخت فيه وتمددت، بعد ان شاهدنا كلنا فضيحة البيوت الاسكانية التي تم توزيعها مؤخرا على آلاف المواطنين الذين كانوا ينتظرون حلم حياتهم بعد سنوات طويلة من الانتظار كادت ان توصلهم الى اليأس من كل شيء.. ولكن ما حصل حوّل الاحلام الى كوابيس.
ما تفرجنا عليه في كل انواع الفساد التي احاطت مرحلة تشطيب مشروع شمال غرب الصليبخات (نموذج د) حسب ما ذكر في الفيلم الذي وزع في وسائل التواصل، والذي سلم الى اهلها مؤخرا لا ينم الا عن شيء واحد فقط لا غير، هو غياب الضمير والحرمنة والفساد الذي نخر عظام المسؤولين عن هذه الكارثة.
وما تصريح وزير الدولة لشؤون الاسكان بان محاسبة المقصرين ستتم وستتخذ ضدهم الاجراءات القانونية، سواء كانوا مقاولين او من الجهاز التنفيذى للمؤسسة لا يكفي ابدا، بل يجب ان يحول كل المسؤولين من مقاولين ومن اشرف على الاستلام ومن وقع على ذلك، يسبقها شطب الشركات التي نفذت هذا الخراب من قائمة الشركات التي تتعامل معها وزارة الاسكان بعد اعلان اسمائها وتحويل كل الموظفين في الوزارة الذين يثبت ضلوعهم في هذه الفضيحة الى القضاء ليقتص منهم.
لا يكفي ان يحمل المقاول تكلفة التصليحات، لان هناك اخطاء حسب ما شاهدنا في هذا الفيلم، لا تحتاج الى تصليحات بل الى هدم اجزاء من البيت ليعاد ترميمه، بل من المفترض ان يتحمل التكلفة ويحول الى القضاء وتطرد الشركات التي تتعامل معها الوزارة. من لوائح الشركات المرخص لها العمل معها.. ايا كانت هذه الشركات وبغض النظر عمن هو مالكها او المسؤول عنها.
اعرف ان الفساد منتشر فى كل مكان، ولكن آن الاوان لتنظيف كل مواقع الفساد عن طريق اتاحة الفرصة لشخصيات نظيفة لا تعرف لغة الرشوة او الفساد، تملك الجرأة والقوة فى مواجهة هذا الموج الذي اغرقنا كلنا وطال مفاصل كثيرة في الدولة.. والاهم من هذا كله مساندة هذه الشخصيات ودعمها في اداء رسالتها التنظيفية.
عيب والف عيب ان نفتح أعيننا كل صباح على مصيبة وفضيحة باطنها فساد وخارجها فساد.. وابطالها نفوس عفنة مريضة لا تعتاش الا على خراب الآخرين وهضم حقوقهم.. وغالبا ما يكون هؤلاء الغلابة اقل منهم مركزا وثراء.