أكد المهندس باسم الأنديجاني عضو تدريس بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة أن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء من الناحية الاقتصادية إيجابي، فزيادة العرض عن الطلب في السوق سيكون لها دور في انخفاض الأسعار، إلاّ أن الهاجس الذي نعاني منه هو التلاعب بالأنظمة، والتفنن في إيجاد الثغرات، ولا يخفى أن محاولة إيجاد المخارج قد بدأت من الآن، فهذا يقسم أرضه ويحول ملكيتها لأبنائه، وآخر يسور أرضه، وثالث يبني بناء محدودًا عليها لتخرج من إطار الأراضي البيضاء، وهلمّ جرا، وكون النظام البشري يظل ناقصًا مهما تناهت دقته، دأبت كبريات المنظمات على تبني مفهوم التحسين المستمر للأنظمة والإجراءات، فلنفترض أن المعارضين للقرار تهربوا وبطريقة ما من دفع الرسوم، حينها لسنا بحاجة إلى الانتظار سنين أخرى لإيجاد نظام جديد كليًّا لسدّ تلك الثغرات. بل الأنسب أن يتم تحديث اللائحة وتطويرها بين الحين والآخر وفقًا لما يخدم الهدف الذي وُضع من أجله النظام لمجابهة أيّ نوع من تلك الممارسات حتى نصل إلى مرحلة يصعب على المتهرّب فيها إيجاد ثغرة أو تحوير بند.
وقال الأنديجاني في تصريحة لصحيفة المدينة أن إنهاء أزمة الإسكان لن تحل بمجرد تطبيق الرسوم بالشكل الصحيح، حيث إنها ليست السبب الأوحد للأزمة التي نمر بها. فتعقيد الإجراءات، وعدم التكامل بين الجهات ذات العلاقة، وعدم وضوح الرؤية التنموية كلها أسباب أخرى جوهرية كان -وما زال- يعاني منها المواطن، لكن دعني أتفاءل بأنه تم وضع اليد على العشرين بالمئة من الأسباب التي ستؤثر على ثمانين بالمئة من النتائج. وكلنا أمل بأن تتكاتف كل الجهود لإنجاح هذا الملف التنموي الكبير الذي سيكون نقلة نوعية نحو مستقبل مشرق.
وأوضح الأنديجاني أن الحلول التنفيذية المقترحة بخصوص الرسوم على الأراضي البيضاء تتفاوت، فما بين تحفظ الملاك واندفاع المستهلكين نحو القرار، كما أصبحت الخطط التنفيذية محلّ تجاذب بين الضبابية والتعميم تارة، وما بين الصرامة المبالغ فيها، لذا يجب تحديد المساحة التي يُجمع في غالب الظن على أنها تزيد عن حاجة المالك، ولا أجد الخلاف هنا جوهريًّا كونها خمسة آلاف متر مربع فأكثر، أو عشرة آلاف متر مربع فأكثر، فالأنسب لتحديد هذا الرقم هي اللجان المكلفة لذلك بناء على المعلومات الإحصائية التي لديهم مع ملاحظة أن تكون المساحة المعتبرة عبارة عن مجموع ما يملكه الفرد من تلك الأراضي ضمن نطاق جغرافي معيّن مدينة جدة مثلاً لا إجمالي مساحة الأرض الواحدة فقط. وأمّا بالنسبة للموقع والخدمات، فلا يختلف شخصان بأن الأراضي التي تقع ضمن النطاق العمراني هي بالأخص تشكّل نقطة ألم رئيسة للأزمة التي نمر بها سواء كانت تلك الأراضي مطوّرة أم لا. كما أن فرض رسوم على أحد النوعين دون الآخر سيكون له تأثير سلبي في فترة لاحقة من خلال ارتفاع أسعار الأراضي غير الخاضعة للرسوم لندخل في دوامة أخرى لا تقل ضررًا عن الوضع الحالي.