خاص: حديث العقار
مهنة من خلالها يتم عرض، وترويج العقارات بشتى أنواعها سواء بهدف الإيجار أو التملك، وتعتمد هذه المهنة في واقعها على الخبرة والعلاقات العامة، ولابد أن تكون الثقة المتبادلة بين الطرفين موجودة، لكن في هذا الوقت تحديداً صار الدخلاء على هذه المهنة المعروفة منذ القدم أهم تحدي يهدد هذه المهنة، ومن ثم انعدمت الثقة في معظم القائمين بهذه المهنة.. إنها مهنة “الوساطة العقارية”.
تاريخ المهنة
ويعود تاريخ مهنة الوساطة في المملكة العربية السعودية إلى بدايات الطفرة النفطية؛ حيث بدأت المدن الرئيسية في السعودية (الرياض، جدة، الدمام) في التطور العمراني الذي أدخل الكثير من المهن إلى الوسط السعودي، ومنها مهنة الوساطة العقارية، أما قبل عهد الطفرة فكانت الحاجة لهذه المهنة غير ملحة، لأن السكان كانوا يحصلون على الأراضي بصورة طبيعية، وفي غالب الاحيان كان يسكنوا بجانب ذويهم، كما كانت المساحات الخالية ممتدة ودون أي رسوم أو مبالغ مالية تذكر، وبعد التوسع في النشاط العمراني.
تأثيرات الطفرة العقارية على المهنة
وبعد دخول نظام الفلل والشقق السكنية، أخذت مهنة الوساطة في النشوء والتكون شيئًا فشيئًا، حتى اكتملت صورتها في السنوات الأخيرة مع دخول المملكة في طفرة عقارية هي الأولى من نوعها في تاريخها، وهذا التوسع كان هو الآخر سببًا في نشوء كثير من الممارسات غير القانونية التي يمارسها الوسطاء العقاريون مما حدا بالعقاريين، وأصحاب الشركات الكبرى وهم المتضرر الأول من أي نشاط سلبي وغير قانوني للوسطاء في مطالبة الجهات المختصة بتنظيم هذه المهنة إما بوضع نظم ولوائح تنظم نشاط السمسرة أو إيكال هذا النشاط إلى شركات بعينها مع إلزامها بالضوابط القانونية والنظامية.
التحول من عمل فردي لمؤسسي
وتشكل الوساطة العقارية من 2 إلى 2.5 في المائة من قيمة الصفقة العقارية التي في الغالب يدفعها المشتري بالسعودية، وباتساع أعمال القطاع العقاري، وزيادة مخططات الاراضي تحولت هذه المهنة العتيقة من عمل فردي إلى عمل مؤسسي، حيث قام البعض بإنشاء شركات خاصة بالوساطة العقارية لما تحققه هذه المهنة من مكاسب عالية، كما دخل مجال الوساطة العقارية أيضًا بعض الشركات العالمية التي اتبعت أسلوب حديث ومنظم، واحترافية كاملة في تسويق العقارات بشتي المناطق، كما أن هذه الشركات تعتمد في أسلوب التسويق الخاص بها بيانات العقارات كاملة وكذا صورها، وهو ما يسهل للعميل اختيار العقار المناسب له بسهولة ويختصر الكثير من وقته .
ممارسات أساءت للمهنة
وبعد دخول الدخلاء على هذه المهنة واتِّباعهم لبعض الممارسات التي أساءت لسمعة المهنة جاءت مطالبات العقاريون بسرعة تنظيم عمل الوساطة العقارية، وذلك للحد من هذه الممارسات المرفوضة، وبخاصة بعد انتشار مكاتب الوسطاء العقاريون بمختلف مناطق لممارسة العمل العقاري الذي لا يشترط الحصول على ترخيص.
مطالبات بتشريعات جديدة
كما طالب خبراء اقتصاديون بضرورة طرح تشريعات جديدة يكون من شأنها تنظيم عمل مهنة الوساطة العقارية بالسوق المحلي للحد من انتشار الفوضى والتجاوزات التي انتشرت في السوق العقاري بنسبة كبيرة، وذلك مع زيادة نسبة العرض والطلب من الأراضي والعقارات، وطرح مشاريع عقارية مختلفة.
إعلانات مزورة
والجدير بالذكر قيام مجموعة من الذين يدعون اشتغالهم بهذه المهنة بطرح اعلانات عن أراض وعقارات لا تمت لهم بصلة ولا يملكونها، ولا يحق لهم التصرف فيها بهدف كسب عملاء أو استدراجهم، وهو الأمر الذي أثر بشكل واضح على أسعار العقارات، وكذلك على سمعة أصحاب المكاتب العقارية الأخرى.
صفات الوسيط العقاري الجيد
ولابد أن يتحلى الوسيط العقاري بعدة صفات أهمها الصدق، الذي اختفى عن نسبة كبيرة من الوسطاء الذين يقومون بترويج العقارات والأراضي وابتكار حيل مختلفة بهدف كسب ثقة العميل، وكذلك الصبر وعدم استباحة حقوق الوسطاء الساعين في الصفقة نفسها، وللوسيط دور هام في نقل المعلومة، وتسويق العرض العقاري، ويحتاج الوسيط العقاري إلى المزيد من العلاقات الشخصية القوية، ومعرفة الكثير من الأشخاص، وحضور مناسبات كثيرة، والإلمام بشكل جيد بمتطلبات السوق الجديدة من حين لأخر، ومحاولة المشاركة بكافة الصفقات العقارية.
تنظيم المهنة وسيلة للتخلص من الركود العقاري
أذًا فتنظيم المهنة سيساعد بشكل واضح السوق العقاري على خروجة من حالة الفوضوية والعشوائية، والتي كانتا أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع اسعار العقارات، وفي ظل تأكيدات المهتمون بالشأن العقاري أن سوق الوساطة العقارية في المملكة غير منظم، ويصاحبه عشوائية، وعدم تخصص، وازدياد في أعداد الداخلين إلى السوق من دون أية مؤهلات أو خبرات، وهو ما جعل السوق مستباح للكثيرين، حيث أن بالمهنة غير مكلف، ولا يحتاج إلي أي ترخيص أو مؤهلات نظامية أو غير نظامية، وكان لضخامة التدفقات التي تضخ بسوق العقارات السعودية، وسهولة العمل في السوق العقارية فالشخص مهما كانت قدراته ومؤهلاته وسِنه يستطيع أن يدخل إلى السوق العقارية السعودية بكل سهولة، أيضًا أثر في اقتحام العديد من الأشخاص مهنة الوساطة العقارية.
الوسطاء يمتنعون
لتظهر بعد ذلك عبارة “الوسطاء يمتنعون” أى عدم تدخل الوسطاء، وأصبحت هذه العبارة شرطًا أساسيًا لكثير من المتعاملين في السوق، رغم الدور العام والفعال الذي يلعبة الوسيط، بدءًا بالتسويق وإيجاد المشتري في وقت قصير، وبالسعر الذي يرضي الأطراف كلها في معظم الأحيان.
فيما توقع اصحاب شركات الوساطة العقارية، أن تساهم شركات التمويل العقاري بدورها في انتعاش القطاع العقاري المحلي، وذلك من خلال طرحها لبرامج التقسيط العقاري عن طريق الدفع الميسر؛ بحيث تتناسب مع دخول أصحاب المرتبات المتوسطة والموظفين الصغار، كما سيخلق دخول البنوك السعودية حالة قوية من التنافسية التي تهدف لكسب أكبر حصة من العملاء، في ظل تأكيدات عديدة أن حالة الركود التي يشهدها سوق العقارات، بسبب عدم وجود جهات تمويلية، وهو ما جعل مشاريع البناء تحتاج إلى وقت طويل في تسويقها، وذلك بسبب تأخر صرف قروض البناء من قبل الصندوق العقاري.
ضوابط وضعتها وزارة العدل
وضعت وزارة العدل 3 ضوابط لقبول النظر في قضايا الوساطة العقارية التي تنظرها المحاكم الشرعية في مختلف مناطق المملكة، تضمنت هذه الضوابط ضرورة وجود اتفاق مسبق بين الممارسين لمهنة الوساطة العقارية من جهة والبائع أو المشتري من جهة أخرى، ووجود ما يثبت مقدار النسبة المخصصة للوسيط العقاري، وكذلك الإلتزام بتقديم ورقة من المكتب العقاري الموثقة للاتفاق بين الوسيط العقاري والطرف الثاني، الذي تم الاتفاق معه قبل البدء في عمليات الوساطة في البيع أو الشراء.
وكانت وزارة العدل قد أكدت أن قضايا الوساطة العقارية تسببت في إشغال المحاكم الشرعية في مختلف مناطق المملكة، وكثيرًا منها لا يتقيد باللائحة التنفيذية للمكاتب العقارية، وجزء آخر من تلك القضايا يصنف ضمن نطاق القضايا الكيدية أو الوهمية، وطالبت وزارة العدل جميع المحاكم بعدم تقييد أي قضية من قضايا الوساطة العقارية ما لم تكتمل لائحة الدعوى بذكر الاتفاق المسبق ومقدار النسبة، وعلى من تكون (البائع أو المشتري)، بالإضافة إلى ورقة موثقة يتم من خلالها اعتماد الاتفاقية بين الطرفين صادرة من مكتب عقاري معتمد.
وطالبت وزارة العدل من قضاة المحاكم بضرورة التقيد التام بنص اللائحة التنفيذية للمكاتب العقارية، وركزت الوزارة على وجوب التقيد باللائحة، حيث أنها جزء من الأنظمة الواجب مراعاتها عند النظر القضائي، وذكرت أن هذا النظام يلغي كل الأعراف، التي تخالف نصوص النظام، ويلغي تدخل أي وسيط عقاري غير مرخص له، حيث اعتبرت أن إقرار الوسيط العقاري على هذا النظام تمكين له بعمل تجاري محكوم بنصوص تنظم ممارسته المهنية في الوساطة العقارية، التي يتم ترخيصها من قبل وزارة التجارة والصناعة.
عمولات بمئات الملايين
وبحسب تقارير عقارية فأن حجم العمولات التي حصل عليها وسطاء العقارات في دول الخليج تقدر بمئات الملايين، لكنها تمثل نسبة بسيطة من أثمان وأسعار العقارات التي توسطوا في بيعها وشرائها لمصلحة عملائهم، وساهمت تلك الأموال الضخمة في إغراء مئات بل آلاف من مهن وتخصصات أخرى لامتهان مهنة الوساطة العقارية حتى أصبح يطلق على تلك المهنة “ مهنة من لا مهنة له”.
نواطير وبوابين أضروا بسمعة المهنة
وزاحم أولئك الممتهنون الجدد أصحاب المهنة من نواطير وبوابين ومتخصصين ما أفرز ممارسات أضرت بسمعة المهنة، ودعت الكثيرين من داخل الوسط العقاري وخارجه لضرورة سن قوانين مهنية تنظم الوساطة العقارية وتفعيل القوانين القائمة إن وجدت لمنع الدخلاء وحماية أطراف المعادلة العقارية.