لم تكن مفاجئة تلك الحملة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي منذ الأسبوع الماضي، والمستمرة حتى الآن، وهي تواصل انتقادها لكلمة وزير الإسكان المهندس ماجد الحقيل في منتدى “أسبار الثقافي” حول أزمة الإسكان المتراكمة منذ سنوات، التي اختزلها في أنها مجرد أزمة “فكر”.
لقد تركز الانتقاد من ندرة إنجازات وزارة الإسكان إذا جاز التعبير في هذه الحملة بشكل غير مسبوق، وعبرت الحملة العفوية بوضوح عن حالة من عدم القبول بما تقوله وزارة الإسكان، التي تتزايد وسط مكونات النسيج الاجتماعي باعتبار أزمة الإسكان تتضاعف مع المستقبل.
نعم، كانت المشاهدات الكوميدية الساخرة حاضرة بشكل بارز جدا، ولكنها كما يقول النقاد واحدة من صور ردة الفعل لتصريحات الوزير، ولا يستطيع أحد أن ينكر آلاف المقاطع والصور والرسوم المصورة التي انطلقت بشكل عفوي معبرة عن هذا المكنون في صدور الناس.
وزارة الإسكان تواجه اليوم “إدارة أزمة” فعليا بعد هذه الحملة، وعليها أن تكون أو لا تكون، ولن تنفع التصريحات والوعود ولا الدراسات ولا الأفكار، الناس تريد إنجازا على أرض الواقع، وهو لم يتحقق منذ تأسست هيئة الإسكان عام 2006، ومن ثم تحولها إلى وزارة لاحقا، ولم يتحقق سوى توزيع مجموعة من الوحدات الصغيرة في جازان، والقصيم ثم توقفت الأمور تماما.
التصريحات لا تجدي شيئا، ولن تنفع في إدارة أزمة كهذه، بل على “وزارة الإسكان” وفريق عملها أن تظهر للناس، وتعلن برامجها إن كانت موجودة على أرض الواقع، ولديها القدرة على تنفيذها من خلال برنامج زمني محدد لكل مستحق.
على وزارة الإسكان أن تقول لنا: متى ستوزع آلاف القطع من الأراضي التي تملكها في كل منطقة؟ ولمن؟ ومتى ستوزع القروض العقارية المتبقية؟ وكم عددها؟ ومن المستفيدون في كل منطقة؟ وماذا عن المنتجات السكنية التي قامت الوزارة ببنائها سابقا وصرفت عليها الملايين في معظم مناطق المملكة؟ كم عددها؟ وما مصيرها؟ ومتى سيتم الانتهاء منها؟ ومن المستفيدون منها مستقبلا؟ كل هذه النقاط والتساؤلات التي وردت في الفقرة السابقة تحتاج إلى أجوبة نافذة.
هذا الأمر ليس صعبا متى ما وجدت الشفافية والمهنية من خلال المركز الإعلامي للوزارة، أو من خلال الخط الساخن أو الاتصال بالمستفيدين الذين تم حصرهم العام الماضي وبلغ عددهم 600 ألف مستحق في المرحلة السابقة.
لن يتبقى في أذهان الناس إلا لغة الإنجاز، أما التصريحات التي يعاد توزيعها للاستهلاك الإعلامي لم تعد تجدي شيئا.
وقد حفظها الناس منذ سنوات، وأدركوا أنها “مجرد كلام”، ولهذا كان من إيجابيات هذه الحملة ما يتناقله المهتمون في كل مواقع التواصل من تجارب ناجحة لوزارات إسكان في عديد من دول العالم.
فهل تدرك الوزارة ذلك، وتنجح في إدارة هذه الأزمة؟