وضع توجيه خادم الحرمين الشريفين لوزير الإسكان وكبار مسؤولي الوزارة والمهتمين بالإسكان في القطاعين الحكومي والخاص، بتوفير السكن الملائم وأسباب الحياة الكريمة للمواطنين وأن هذا الموضوع هو من أولويات المقام السامي ومحل اهتمامه الشخصي، الجميع أمام مسؤولية ضخمة.
بالفعل فإن الوقت قد حان لحل أزمة السكن. فالكثير من العقبات التي كانت تعترض طريقها في السابق قد أزيلت أو في طريقها للإزالة. فالتحريم السابق لنشاط شركات التطوير والتمويل العقاري قد تمت معالجته بعد صدور نظامي الرهن العقاري والإيجار التمويلي. كما أن الأراضي البيضاء الذي كان يؤدي توسعها إلى تسخين سوق العقار هي الآخر قد عولجت بعد إقرار الرسوم عليها.
بقي علينا إزالة الانسدادات التي تراكمت خلال الأعوام الماضية وأدت بنا إلى الوضع الذي نحن عليه الآن. ولذلك تكتسب أهمية الطريقة التي سوف نعمل من خلالها على فتح تلك الانسدادات. فأمامنا في الوقت الراهن ستة منتجات: الأول هو القرض المعجل لصندوق التنمية العقارية والثاني هو منتجات وزارة الإسكان الخمسة. فهذه المنتجات السكنية سوف يكون لها الكلمة الفصل إما في جعل أزمة السكن من الماضي أو بقاء المشكلة مكانك سر.
فمثلما نعلم فإن خمسة من المنتجات الستة المعروضة تعتبر تضخمية. إذ باستثناء الفلة فإن البقية بمجر أن يحصل عليها مستفيدوها سوف تساهم في ارتفاع الأسعار ليس فقط على العقار وإنما على المواد الغذائية وغيرها. فرؤوس الأموال العقارية تنتظر الفرصة لإعادة توزيع هذه المنتجات في صالحها من خلال التضخم. ويكفي هنا فقط أن نتذكر كيف التهم ارتفاع الأسعار الزيادات التي حصل عليها موظفو الحكومة في الأعوام الماضية. وأنا هنا لا الوم رؤوس الأموال العقارية. فهي تستفيد من قانون العرض والطلب الذي لم يغيره أحد حتى الآن.
ولذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه هنا هو أين القطاع السكني التعاوني؟ إذ إن كل المقدمات تدعو هذا القطاع للإطلال برأسه والمشاركة في العملية. فالأمر هنا لا يحتاج حتى إلى إعداد دراسة للجدوى الاقتصادية. فهناك سيولة مالية ضخمة منتظر أن تهبط على قطاع العقار. كما أن هناك فجوة بين العرض والطلب على السكن كبيرة لمصلحة الأخير أي الطلب. وهذا كله يسيل له لعاب شركات العقار التي تطمح في الحصول على نصيبها من الكعكة. ولذلك فإن جمعيات الإسكان التعاوني ربما تكون هي الأمثل في هذه الحالة. فهي مهيأة أكثر من شركات القطاع الخاص لإزالة الانسدادات السكنية بأقل ما يمكن من التبعيات السالبة. فالنشاط التعاوني لا يسعى إلى الربح بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن مساهمة الجمعيات التعاونية السكنية في إعادة تدوير تلك الأموال لن يؤدي إلى التضخم.
من هنا فقد تكون الفرصة الآن مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتبادر الحكومة بإنشاء جمعية إسكان تعاونية وطنية ضخمة يشترك فيها المواطنون الذين سوف يستفيدون من القروض التي سوف يقدمها لهم صندوق التنمية العقارية ووزارة الإسكان. فهذه ربما تكون باكورة لانطلاق النشاط التعاوني في بلدنا ليس فقط في هذا القطاع الحيوي وإنما في بقية المجالات الأخرى كاستهلاك والصحة والتعليم والمواصلات والتدريب وغيرها.