إدارة القطاع الكبیر أیا كان یصاحبھا دائمًا لوازم سلبیة تواجه القائم علیھا، فالقطاعات الكبیرة یكون حولھا مستفیدون كبار، لا یتركون القائم علیھا یعمل للمصلحة العامة.
تلك اللوازم ھي المصالح الذاتیة التي تعیق المسؤول عن القیام بعملھ، وھي تنشأ من ثقافة الاسترباح والرغبة في الاستزادة. وھذه الثقافة تفتح طریق الطمع المعبد بالأنانیة والحسد والتنافس غیر الشریف.. فتزول الأھداف النبیلة، ویزول خوف الله، وتزول المصلحة العامة.. ولا یبقى من جدول أعمال المسؤول إلا القلیل للتنفیذ.. أما الآمال الكبیرة فتواجه بالمعوقات المسكوت عنھا
المیزانیات العالیة التي ترصد لبعض المشاریع، على سبیل المثال فتح خط سریع، نسبة كبیرة منھا لا تكون من قیمة المشروع الفعلیة، ولكن من قیمة العقارات التي یمر بھا المشروع، أو السمسرة الخفیة، أو المواصفات الوھمیة التي تضاف للعقود لتزید من قیمتھا الصوریة.
فنفس تلك المشاریع تقام في دول إقلیمیة قریبة أو بعیدة نقرأ عنھا في وسائل الإعلام الرسمیة وعن تكلفة إقامتھا، ونجد أن أرقام التكلفة أقل بكثیر من أرقام المشاریع التي یعلن عنھا محلیا. وبالتالي تتوقف بعض المشاریع، لأن تكلفتھا أساسا غیر منطقیة.
وزارة الإسكان لیست بعیدة عن ھذه الصورة، فأزمة الإسكان ھي أحد ھواجس الوطن، صغاره وكباره، شبابه وشیوخه، رجاله ونسائه، الكل یبحث عن حل للإسكان، والوزارة ستظل معضلة أمام كل وزیر، فالطموحات والآمال لن تتحقق إذا ظل أصحاب المصالح الخاصة یضغطون على كل مشروع من مشاریع الوزارة لیأخذوا نصیبًا من مكاسبه ویستغلوا الواقع بكل أشكاله.
نسبة من یرید سكنًا تزداد سنویًا، والوزارة بھذه الخطى الرتیبة لن تحل واقعا متأزمًا، ھي فقط تطلق الوعود، التي ملھا الشارع العام أساسًا، ولا تحقق على أرض الواقع ما یشفع لھا أو یبشر بأنھا تسیر في الطریق الصحیح.
المعضلة الحقیقیة في أزمة السكن؛ كما ھي في بعض الأزمات الأخرى، ھي أصحاب المصالح الخاصة كأفراد أو كمؤسساتالذین یضغطون للاسترباح من خلف المشاریع، ویقفون حجر عثرة أمام أي مشروع لا یكون لھم فیھ نصیب من المكسب حلالاً كان أم حرامًا.