تأتي الزيارة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لجمهورية الصين الشعبية هذه الأيام، تأتي في إطار فتح كافة الآفاق أمام الاقتصاد السعودي بما يتيح المجال لتوفير كل الخيارات أمام رؤية السعودية 2030 م للوصول إلى أفضل العروض، وزيادة مساحة الحركة أمام الفعاليات الاقتصادية لتوظيف هذه العلاقات المفتوحة على كافة الشركاء لانتقاء أفضل ما يمكن من أجل ضمان نجاح مستهدفات الرؤية، خاصة أن حجم الطموحات في نجاح الرؤية إزاء تجاوز أحادية النفط، وبناء قاعدة أو – على وجه الدقة – قواعد اقتصادية متعددة الوظائف، وتمتلك دينامية فاعلة وقادرة على تجاوز الحلقات الضيقة التي يفرضها الالتزام بالاقتصاد الريعي القائم على استهلاك خامات الأرض وحسب، خاصة في مثل هذا العصر الذي انفجرت فيه بالونة اقتصاد المعرفة، وأصبح هذا الاقتصاد في متناول الجميع بقدرته الخارقة على تجاوز الحدود دون أي مزاحمة، شريطة اتقان لعبة الدخول في استثمارات هذا الحقل الكبير.
ولنا في تجربة النمور الآسيوية، خير مثال وهي التي ما كانت لديها أي ثروات طبيعية يمكن الاستناد عليها في بناء اقتصاد متمكن، قبل أن تكتشف ذاتها في ثورة المعرفة واقتصاد المعرفة الذي نقلها في غضون سنوات قليلة إلى مصاف الدول الصناعية التي تتعامل مع علوم وتقنيات الفضاء، وتوظف تقنيات النانو في اقتصادها.
وزيارة سمو ولي ولي العهد الراهنة للصين بوصفها قطبا دوليا هاما في المجالات التنموية والصناعية، وتوقيع ما يزيد على 15 اتفاقية حتى الآن بين البلدين من بينها الاستفادة من التجربة الصينية في أعمال الإسكان عن طريق بناء مدينة جديدة في ضاحية الأصفر بالأحساء، ما هي إلا ترجمة عملية للتوجه الجديد الذي يسعى بكل قوة إلى تمهيد كافة الطرق شرقا وغربا أمام الاقتصاد المحلي لفرز خياراته على ضوء استحقاقات المرحلة، وبالتالي الخروج به من مسار العلاقات الأحادية التي لابد أن تتأثر سلبا وإيجابا في بوصلة المواقف السياسية ما يعيق حركة التنمية الاقتصادية.
وقد تنبهت رؤية السعودية 2030 م إلى هذه النقطة وتفاعلت معها بمحاورها الثلاثة، لتأتي تحركات سمو الأمير محمد بن سلمان شرقا وغربا، وفي كافة الاتجاهات لتعمل على تشييد ما يلزم من العلاقات المتوازنة مع كافة الاقتصادات الحية والنابهة ضمانا لحيوية اقتصادنا المحلي، وسرعة برئه من شَرك السلعة الوحيدة التي لابد أن تجعله رهينة لأسواقها وتقلباتها المتواترة. ولعل البوادر الأولية لهذا التوجه، ورغم صعوبة المرحلة وتداعياتها، وما يجري في المنطقة من اضطرابات تصل إلى حد الحرب، إلا أن المؤشرات الواضحة تشي – بفضل الله – بأن ثمة فجرا مشرقا قادما – بإذن الله – على اقتصاد هذه البلاد، من شأنه أن يضمن لها الاستمرار في تنميتها بذات الوتيرة إن لم يكن أكبر، شريطة أن يستفيد القطاع الخاص من هذه الفسح الكبيرة، وأن يستثمر هذه الرؤية لتعزيز أدائه في الاقتصاد المحلي بما يتواءم مع حجمه الفعلي وملاءته المالية.