كغيري من المواطنين ننتظر انفراجا سريعا في أزمة السكن وأن يتملك كل مواطن مسكن الحلم ونعيش في سبات ونبات رغم أنه لا بوادر في الأفق تشي بالانفراج فمن كانوا بالأمس يبشرون بانفجار «فقاعة» العقار من محللين نجدهم اليوم بدأوا يتراجعون حيث أصبحت آراؤهم هي الفقاعة والعقار صامد ولذلك حسابات اقتصادية تتعلق بآلية البنوك واقتصاد الدولة ككل.
ولكن لي رأي خاص يتعلق بالأزمة ذاتها -أي أزمة السكن- وذلك أنها ستشكل انفراجا في بعض العادات والمظاهر التي انتهجها المجتمع السعودي لعقود مضت بعد طفرة البترول واتساع دخل الفرد وفترات الرخاء الاقتصادي التي مررنا بها؛ فمن ناحية سيكون نصيب الفرد وبسبب شح الأراضي وأسعارها الفلكية أقل من السابق حين كانت البيوت بمساحات شاسعة فتجد العائلة التي لا يتجاوز عددها ٥ أفراد تقطن في بيت مترامي الأطراف لايستغل منه إلا مساحة صغيرة والباقي للهواء والشمس، حيث سيصبح المنزل عملياً أكثر وسيكون التركيز على استغلال المساحات للضروريات فقط
ومن ناحية أخرى سيضطر المبتدئ بحياة جديدة أن يكتفي بشقة صغيرة «على قده» تختصر عليه الهدر المبالغ فيه من الأثاث والعزايم «والمواجيب» الفارغة!
هنا ستكون المساكن عبارة عن اكتفاء وليس إفراطا حيث لانزال نشاهد في وقتنا الحالي بيوتا شيدت بملايين الريالات بينما لو جمعت الأسرة في مساحة ٤ في ٤ لكفتهم وقد تجدهم فعلاً يتحلقون طوال النهار في هذه المساحة، وعندما نقارن بيوتنا ببيوت المجتمع الغربي مثلاً سنصدم بكمية الرفاهية والمرونة والتحكم في بيوتهم رغم صغر حجمها فكل شيء فيها يعمل بالتقنية العالية مع مراعاة الجودة في كل جزء فيه، بينما تفتقد بيوتنا هذه المميزات فبيوتنا تفتقد الحياة بسبب تركيزنا على الشكليات من فخامة الأثاث واتساع مساحات الغرف والفناء والملاحق والحدائق الخاوية .. الخ.
أمر آخر لا يقل أهمية عن تقليص أحجام المساكن ألا وهو الخدم ؛ فمن ناحية سيقل الاعتماد على الخدم مع تحجيم مساحات البيوت وسنصبح مجتمعا يعتمد على نفسه دون هذا الهدر في الأموال حتى أصبحنا ندفع في الخادمة أكثر من مهر العروس بلا مبالغة، ومن ناحية سنقنن مصروفاتنا بشكل عام وتسقط من حساباتنا غرف الخدم ومصاريفهم الباهضة وهذا أيضاً بلا شك سينظم وطننا من ناحية أعداد العمالة الوافدة ومشاكلها.
السكن حق لكل إنسان وقد حاولت الدولة جاهدة زيادة نسبة تملك المواطن ولازالت تحاول وأتمنى أن لا يحل 2030 إلا وكل مواطن يمتلك مسكناً بكل يسر وسهولة ولكن «مسكناً ذكيا»!.