يعد مجلس المنافسة في المملكة الجهاز الحكومي المعني بالإشراف على تطبيق نظام المنافسة، الذي صدر مرسوم ملكي بالمصادقة عليه في عام 1425ه، ويهدف بشكل أساسي ومحدد إلى حماية وتشجيع المنافسة العادلة، ومكافحة الممارسات الاحتكارية التي تؤثر على المنافسة المشروعة المتمشية مع السياسة الاقتصادية التي تنتهجها المملكة، والقائمة على مبدأ المنافسة، والرغبة في تعزيزها، والتأكيد على إشاعة مناخها في قطاع الأعمال.
من ضمن اختصاصات هذا المجلس، المنصوص عليها في نظام المنافسة، الأمر باتخاذ إجراءات التقصي وجمع الاستدلالات بالنسبة للممارسات المخالفة لأحكام نظام المنافسة، وكذلك الأمر بالتحقيق والادعاء فيها والموافقة على البدء في إجراءات الدعاوى الجزائية ضد المخالفين لأحكام النظام، وفي سجل المجلس على مدى السنوات التي تزيد عن العشر في ممارسته لمهامه، وبالذات في السنوات الأخيرة، عدد من المبادرات البعض منها ذو صلة ولو غير مباشرة بالقطاع العقاري، من بينها تلك المتعلقة بارتفاع أسعار الحديد، وكذلك المتصلة بقطاع الاسمنت في المملكة، لكن إلى اليوم لم يرصد للمجلس أي خطوة مباشرة تجاه مكافحة الممارسات الاحتكارية في القطاع العقاري نفسه، الذي قوامه ما يزيد عن ثلاثين ألف مكتب عقاري، منتشرة في مدن المملكة، تعمل تحت إشراف وسمع وبصر جهات الاختصاص في وزارة التجارة والصناعة، فتلك المكاتب العقارية هي الجهة التي تتم عبرها الصفقات العقارية الضخمة، ويعلم الجميع أن أكثر ما يؤثر سلباً على النشاط العقاري لدينا هو ضعف الشفافية، إن لم يكن انعدامها، في ممارسة المنتسبين إليه لأعمالهم في السوق العقاري، من بيع وتأجير لمختلف أنواع العقارات، يزيد من تفاقم تلك الحالة من تدني مستوى الشفافية، هيمنة واستحواذ مهنة الوساطة على النسبة الأكبر من نشاط تلك المكاتب، وبالتالي درجة التأثير السلبي لمن يمتهنون السمسرة في السوق العقاري لدينا، الذين يتنامى نشاطهم بطبيعة الحال في ظل تلك الظروف، مع كل ارتفاع على الطلب، وانخفاض في المعروض للمنتجات العقارية، إلا أن ما يعد الأكثر خطورة في هذا الجانب هو استغلال هذه المهنة في أحيان كثيرة أداة احتكار للمنتجات العقارية المختلفة، بهدف رفع أسعارها بشكل أكثر، والإيحاء بأن المعروض في تناقص سريع، مستغلين بذلك حاجة الناس للمنتجات العقارية، وامتلاكهم أدوات السوق وتفاصيله، فهل نشهد قريباً تحركاً فعالاً من مجلس المنافسة تجاه مكافحة الممارسات الاحتكارية في واحد من أهم قطاعات الأعمال في المملكة والوعاء الاستثماري لنحو (60%) من ثروة المجتمع؟ ألا وهو القطاع العقاري.