ترغب المكاتب العقارية في المملكة في البحث عن آليات عمل جديدة، وأفكار حديثة، تضمن لها الاستمرار في سوق العقار بنفس القوة التي اعتادت عليها في العقود الماضية، مدركة في الوقت نفسه أن الأسواق تتطور وتحدث من نفسها وآلياتها، وأن عليها أن تواكب هذا التطور وإلا فقدت مكانتها وهيبتها.
ووفقاً لما اوردتة الإحصائيات فقد اعتمد السوق العقارية لعقود مضت على خدمات المكاتب العقارية التي تخصصت في إدارة الأملاك، بأساليب قديمة وعتيقة، بيد أن هذه الأساليب واجهت انتقاداً حاداً من المختصين والعقاريين أنفسهم الذين يرون أن بقاء هذه المكاتب على وضعها الحالي، قد يفقدها الكثير من المكاسب التي كانت ستحصل عليها، لو أنها تحولت هذه المكاتب إلى شركات تعمل وفق أسس وقواعد تساهم في دفع السوق العقاري إلى الأمام.
ويبلغ عدد المكاتب العقارية العاملة في السوق حالياً نحو 10 آلاف مكتب، تعتمد على العلاقات الشخصية في تسيير عملياتها، وتتفاوت الخدمات المقدمة في هذه المكاتب بحسب خبرة أصحابها وعلاقاتهم بالعاملين في السوق العقاري، وتتشابه هذه المكاتب في آلية عملها إلى حد كبير، إذ تعتمد على دخلها من السمسرة التي تتحكم فيها مهارة المفاوض على تحديد نسبتها بين المكتب والعميل.
وفي الفترة الأخيرة، اجتهد أصحاب هذه المكاتب كثيراً كي يحافظوا على مكانتهم ونشاطهم في القطاع، ويجيء هذا الاجتهاد بعدما تأكد لهم أن دورهم بدأ يتقلص يوما بعد آخر، بسبب أوضاع السوق العقاري، وما شهده من تحولات جذرية في أنشطته ومشروعاته منذ تأسيس وزارة للإسكان قبل نحو أربعة أعوام مضت.
وتشير الإحصاءات إلى تراجع واضح لنشاط المكاتب العقارية في المملكة، تمثل في تراجع الصفقات العقارية، التي توفر للمكاتب العقارية سمسرة، يرجع تحديدها إلى مهارة المفاوض في المكتب العقاري مع الأطراف المشاركة في الصفقة.
وينحصر نشاط المكاتب العقارية في إدارة العقارات، وتأجير المنازل، والحصول على نسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة من قيمة الإيجارات، وقد تراجع دخل المكاتب العقارية من السمسرة التي كانت تحصل عليها من بيع الأراضي البيضاء والعقارات، بالحصول على نسبة متفق عليها من البائع ومثلها من المشتري، ويرجع ذلك إلى تقليص عدد الصفقات العقارية في الشركات العقارية الخاصة، خلال السنوات الماضية، بتأثير مباشر من أنشطة وزارة الإسكان، وتفضيل غالبية المواطنين الحصول على منتج سكني من الوزارة، على الحصول عليه من الشركات الخاصة.
وتواجه المكاتب العقارية في السعودية انتقادات حادة، بشأن آلية عملها، التي تعتمد على التوفيق بين أطراف الصفقات العقارية، والحصول سعي من وراء إبرام هذه الصفقات، دون أدنى مسؤولية عليها، في حال حدوث إشكالية عقب توقيع العقود الرسمية، وتبرر المكاتب العقارية اخلاء مسؤوليتها عن أية مشكلة تحدث بأن دورها يقتصر على التوفيق بين الأطراف وجمعها في مكان واحد، في الوقت نفسه، تنتعش في دول الخليج، وبخاصة دولة الإمارات العربية، نشاط شركات السمسرة العقارية، التي تعمل وفق قواعد وأسس تضمن لجميع الأطراف حقوقهم غير منقوصة عند إبرام الصفقات العقارية، ويحق لهذه الشركات التدخل المباشر في حال حدوث إشكالية ما، وتعمل على إعادة الحق لأصحابه إذا استلزم الأمر، مؤكدة أنها القوانين تخول لها التدخل لحماية حقوق المشاركين في الصفقات العقارية. ويبررون هذا التدخل بالمحافظة على سمتها كجهة توفق بين الأطراف.
فيما يدعو مختصون في الشأن العقاري، المكاتب العقارية بضرورة تطوير نفسها، وتحديث آلية عملها، واستحداث خدمات جديدة، تجتذب بها المزيد من العملاء. وأشار هؤلاء إلى أهمية إيجاد تحالفات بين المكاتب العقارية يصل إلى حد الاندماج الكامل فيما بيها، وتأسيس شركات وساطة كبرى، تعمل وفق أساليب عمل مدروسة، مثلما حدث في مكاتب الاستقدام، التي تحالفت وأسست شركات كبرى تعمل.
ويطالب المختصون بأن تمتلك شركات السمسرة ميزانيات ضخمة خاصة بها، تستثمرها في افتتاح فروع لها في مناطق المملكة، إلى جانب إمكانية تنفيذ بعض المشروعات وإدارتها، والأهم من ذلك توحيد نوعية الخدمات والأسعار، والعمل من أجل إرضاء العميل والمستثمر العقاري.