شكراً على ما قام به مجلس المنافسة في 24 يوليو 2014، بمعاقبة عدد من المنشآت التجارية في قطاع المشروبات الغازية بالمملكة بما مجموعه 135 مليون ريال، وذلك لارتكابها عدداً من المخالفات لنظام المنافسة بالاتفاق على رفع الأسعار. ولكن اذكّر المجلس الموقر ان غازات احتكار العقار بجميع انواعه سم قاتل لطموحات الكثير من المواطنين بل انه جعل حياتهم المعيشية في اسوأ احوالها، حيث يستهلك الايجار ما يقارب 40% من دخل الافراد متوسطي الدخل فما بالك بمتدني الدخل.
ان غازات المشروبات تتبخر وليس المستهلك مجبورا على شرائها ولكن السكن حلم يعمل الشخص طول عمره من اجل تحقيقه وإلا اصابه الاحباط والاضطرابات النفسية التي لا تحمد عقباها.
لقد ذكرنا كثيرا ان احتكار القلة متفشٍ في اسواقنا المحلية سواء اسواق العقار او الاسواق الأخرى، لقلة عدد المتنافسين في نفس الصناعة، بل عدم استطاعة الشركات الجديدة سواء كانت محلية او عالمية الدخول الى السوق بسبب وضع حواجز لمنعه (Barrier to entry)، عن طريق تقسيم حصص السوق من منتجات أو خدمات معينة بين عدد من الشركات ومحاولتها استعمال حرب الاسعار وذلك بتخفيضها حتى ولو اقل من نقطة التسوية لمنع الشركات الجديدة من الدخول الى السوق او إخراج الشركات القائمة من السوق والسيطرة على اكبر حصة ممكنة من خلال الاتفاقات، التوكيل او التوزيع الحصري.
لقد أوضحت الإحصاءات العامة، بان إجمالي عدد الوحدات الشاغرة بلغ 969.7 ألف وحدة سكنية تمثل نحو 17.2% من إجمالي عدد المساكن القائمة في المملكة البالغة حتى نهاية عام 2010م. وبلغ إجمالي المشغول منها بأُسر نحو 4.65 ملايين وحدة سكنية، تشغلها 3 ملايين أُسرة سعودية ونحو 1.65 مليون أُسرة غير سعودية، وهذا عكس ما يعتقده البعض أن السعودية تعاني من نقص في المساكن نظراً لارتفاع الأسعار المتواصل، إنه احتكار سوق الوحدات السكنية من خلال إخفاء المعلومات عن المشترين ومن أجل رفع الأسعار والإيحاء إلى المشترين أن الطلب مرتفع والعرض منخفض جداً حتى يصبح الطلب مصطنعاً ويصدقه هؤلاء المشترون، هكذا صدقنا تاريخياً وحتى نشر هذه المعلومات بأن أسعار العقار في ارتفاع مستمر، حتى ولو تراجعت قليلاً فإنها ستعاود الارتفاع من خلال تعطيل عوامل السوق.
لقد أصبحت أسعار المساكن هاجس كل مواطن، رغم دعم الحكومة تمَلُّك المواطنين لمساكنهم من خلال منح الأراضي وإنشاء صندوق التنمية العقاري منذ عقود، ومع التخطيط لبناء 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 250 مليار ريال لكن مازال أكثر من 48% من المواطنين لا يملكون مساكنهم نتيجة لتصاعد أسعار العقار.
ويعتقد البعض أن نقص التمويل العقاري هو السبب الرئيس في عدم قدرة معظم السعوديين على تملك مساكنهم، ما دفع مجلس الوزراء للموافقة على نظام الرهن العقاري من أجل توفير التمويل وتنمية السوق العقاري. لكن ارتفاع أسعار العقار المصطنع لا يعكس واقع السوق، ولا متوسط دخل الفرد، وإلا لما ارتفعت الإيجارات والأسعار بنسب كبيرة، فعندما لا يكون هناك قيمة تاريخية مسجلة للأصل فإن مبادئ التقييم المقارن تخبرنا بأن أي زيادة في سعر منزل ما سينتج عنه زيادة في سعر المنزل الذي بجواره (تأثير الدومينو).
لقد حان الوقت لفرض غرامة مالية على المساكن الشاغرة لمدة 6 شهور، إذا لم يتم تأجيرها أو بيعها. كما ان نظام المنافسة الحالي لا بد ان يضيف مادة جديدة تمنع احتكار العقار لتعزيز المنافسة والحد من المضاربات في سوق العقار والمساكن وتوفير المساكن للمواطنين بإيجارات وأسعار تنافسية، بما ينسجم مع توجهات الحكومة وإستراتيجية الإسكان. كما يجب تعديل المادة (السابعة) للائحة التنفيذيّة من نظام المنافسة بأن لا تسمح بتركز المنشأة في السوق بما لا يزيد على 18% بدلا من نسبة 40% من إجمالي حجم السلعة من اجل زيادة عدد المنافسين في السوق وتحسين أدائه.