حين النظر إلى مصادر التمويل للأفراد في امتلاك المساكن بالمملكة، نجد واضحاً أن نسبة (97 %) من تلك المساكن كانت قنوات تمويلها وإلى وقت قريب تمثل في ثلاثة مصادر أساسية، أولها هو التمويل الشخصي من المدخرات الخاصة، وهي النسبة الأعلى، وبالذات في المدن الكبرى ذات دخل السكان المرتفع يليها وبنسبة أقل التمويل من صندوق التنمية العقارية، من خلال القرض الحسن الذي كان الصندوق يمنحه لمن تنطبق شروطه عليهم من المواطنين خلال السنوات الماضية، قبل قرار تحويله إلى مؤسسة تمويل للإسكان غير موجهة للأفراد، ثم تأتي بعد ذلك القروض التي توفرها بعض البنوك التجارية ومؤسسات التمويل، في حين كانت النسبة الضئيلة المتبقية تأتي من مصادر أخرى مختلفة، في مقدمتها ما توفره جهات العمل لموظفيها.
قرار تحويل صندوق التنمية العقارية إلى مؤسسة تمويل للإسكان غير موجهة للأفراد، كان بلا شك العامل الأكثر تأثيراً في إعادة هيكلة مصادر التمويل التقليدية أمام المواطنين لامتلاك مساكن، فمصدر التمويل المباشر من الصندوق للأفراد، الذي كان يلبي حاجة ما تصل نسبته إلى (30 %) من راغبي امتلاك المساكن في المملكة، قد توقف فور صدور هذا القرار، بعد أن أسندت هذه المهمة للبنوك ومؤسسات التمويل مقابل ضمان الصندوق للقروض، وتحمل تكاليف التمويل لمنخفضي الدخل من المقترضين، ودعم متوسطي الدخل منهم في سداد تكاليف التمويل لقروضهم، حيث تقلصت قنوات التمويل الفعلية إلى مصدرين اثنين فقط، هما: التمويل الشخصي الذي ربما يصل حده الأعلى إلى (46 %) من تمويل امتلاك المساكن، والتمويل من البنوك ومؤسسات التمويل التجارية، الذي هناك توقع بزيادة حصتها في السوق، عبر ملء الفراغ الذي كان يشغله صندوق التنمية العقارية في السابق، لتصل إلى سقف (51 %) من تمويل امتلاك المساكن في المملكة، في المقابل ما ينبئ عنه متوسط الدخل السنوي للأسرة السعودية الذي يبلغ حالياً نحو (163) ألف ريال، والمعايير الصارمة للإقراض من قبل البنوك، مع ما يصاحب ذلك من تراجع للقدرة على تملك المساكن، نتيجة الارتفاع في مقدار مؤشر نسبة سعر المسكن إلى الدخل، هو احتمال ألا يكون لإعادة هيكلة مصادر التمويل أثر إيجابي على تحقيق الهدف الذي يتم السعي إليه، وهو رفع نسبة التملك للمساكن، بل استبعاد ذلك على الأقل في المنظور القريب، ومن ثم توقع أن تزداد نسبة الأسر التي تقيم في مساكن مستأجرة.