قبل عدة أيام أعلنت وزارة الإسكان خبراً مفرحاً جداً مفاده بدؤها تخصيص اكثر من 300 الف منتج في دورتها الأولى في كافة مناطق المملكة والذي أعتبره مقدمة لحل أزمة السكن بإذن الله. هذا التطور يعتبر أول خطوة عملية من قبل الوزارية لمعالجة أزمة السكن سيتضح أثرها بإذن الله خلال السنة القادمة بعد أن نشاهد المستفيدين من منتجات أرض وقرض تحديدا.
بغض النظر عن بدء الوزارة في توزيع المنتجات، من المرجح أن تواجه الوزارة عقبة رئيسية في تنفيذ وتوزيع المنتجات، وعلى رأسها منتج الوحدة السكنية، فهذه المنتجات تحتاج لسنوات طويلة تصل إلى 10 سنوات تقريبا لسد كافة الطلبات الحالية المستحقة خاصة إن استمرت مسألة شح الأراضي عالقة بدون أن يتم حلها من قبل صانع القرار، ولم يتم ايجاد حل يعجّل من بناء الوحدات السكنية ويختصر مشاريع التنفيذ لأقل من سنتين لكل دفعة.
حل هذه العقبة ليس بمستحيل خاصة إن نظرنا له كتحدي أكثر من مشكلة. اختصار المدة الزمنية لمعالجة أزمة السكن بحسب تصوري يتكون من شقين، الشق الأول متعلق بتوفر الأراضي المناسبة والجاهز للسكن والشق الثاني تقليص المدة الزمنية لبناء الوحدات السكنية لأقل من سنة. بالنسبة لمسألة توفر الأراضي الجاهزة للسكن والمخدومة فيمكن حل ذلك بالحصول على الأراضي التي استعادتها الحكومة خلال الأشهر الماضية والتي الغيت الصكوك الصادرة عليها، أو بتفعيل برنامج صكوك الخزينة مقابل الأراضي.
استخدام الأراضي التي استعادتها الحكومة يعتبر خيارا مناسبا لأنها كبيرة وكافية لسد الحاجة، ولكن المعضلة الوحيدة فيها أن أغلبها لم يتم تطويرها أو لا تحتوي على خدمات متكاملة، بمعنى آخر أنها غير جاهزة للسكن وتحتاج للوقت والمال لكي يتم تطويرها وتجهيزها للسكن. الخيار الآخر المتعلق ببرنامج صكوك الخزينة يعتبر الحل المثالي والأسرع لأنه سيوفر أراضي جاهزة وذات خدمات متكاملة داخل النطاق العمراني وسيقوم بخفض اسعار الأراضي لكي يسهّل على وزارة الإسكان تسويق منتج أرض وقرض أو منتج القرض.
الشق الثاني من الحل هو خطة عمل لبناء وحدات سكنية مؤقتة بتقنيات مختلفة وعلى رأسها البيوت الجاهزة ذات الجودة العالية (Prefab) والتي تستخدم في البلدان المتطورة، ويمكن أن تكون بديلا مستقبليا للطريقة التقليدية في البناء في السعودية. الخطة تتم ببناء 5000 وحدة سكنية بتقنية البيوت الجاهزة ذات الجودة العالية لتكون جاهزة خلال ستة أشهر ويتم توزيعها بشكل مؤقت على المستحقين للسكن حتى تنتهي الوحدات السكنية التي يستحقونها خلال سنة أو سنتين وهي مدة المشروع عادة.
الغرض من هذه الوحدات السكنية المؤقتة هو خفض تكلفة انتظار المستحقين وهي بالعادة المبالغ التي يدفعونها لاستئجار مساكنهم الحالية، فالكثير من مستحقي منتجات السكن يسكنون في مساكن مستأجرة وبعضها غير مناسب أو كاف للعيش. إضافة إلى ذلك، فتجربتهم للعيش في البيوت الجاهزة ستجعلهم يختبرون العيش في مساكن ذات بنية مختلفة عن المساكن الخرسانية التي نعيش فيها حاليا، والتي تحتاج إلى وقت طويل لبنائها وتجهيزها.
مع الوقت سيبدأ ساكنو البيوت المؤقتة في معرفة متعة العيش في البيوت الجاهزة ذات الجودة العالية والشبيهة بما هو موجود في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ويصبح العيش فيها اكثر قبولا من البيوت الخرسانية الحالية. عندها ستكون مهمة وزارة الإسكان أسهل في معالجة ازمة السكن وبناء المساكن بتقنيات البيوت الجاهزة ذات الجودة العالية، وربما تتوسع أكثر لاستخدام تقنيات أخرى مختلفة تساعد على خفض استخدام الطاقة وتقلل التلوث في بيئتنا.