29 مارس 2015
لم يمر على المواطنين خبر محلي في اليومين الفائتين (أحلى) من خبر الإعلان عن موافقة مجلس الوزراء على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد آليات لتنفيذ قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء. ولذلك تبادل الناس الورود والأمنيات والتغريدات بعد أن كانوا قد وصلوا إلى حالة من اليأس في فرض هذه الرسوم التي طال أمد انتظارها.
لكن، كفانا الله شر لكن هذه، قد يخيب ظن المحتفلين بالخبر حين تطبق فعلا هذه الرسوم وتبقى أسعار الأراضي والبيوت والشقق على حالها النارية التي لا يقدر عليها من راتبه عشرة آلاف ريال فما بالك بمن هو واقع بين الألفين والثلاثة آلاف ريال. بلفظ آخر قد ينضم هذا الإجراء إلى ما سبقه من عشرات الإجراءات، على صعيد وزارة الإسكان وغيرها، ويبقى الحال على ما هو عليه: العقار مولع ومعظم الناس يئنون تحت وطأة غلائه واستحالة تملكه.
في هذه الحالة، أي في حالة بقاء الحال على ما هو عليه، ستكون هذه الرسوم سوداء باعتبارها إلى الآن آخر الحلول، أو ضمن الحلول الكبرى لهذه المشكلة. وفي ذات السياق ستدل هذه النتيجة، غير المتوقعة إلى الآن، على أن العقار في بلادنا عالم (غويط) من المافيا التي لا تهزها ولا تحرك سواكنها لا رسوم ولا غيرها. وستظل هذه المافيا قادرة على فرض أجندتها العقارية الخاصة متحدية كل القرارات والإجراءات التي تتخذها الدولة والمواقف التي يسجلها الناس من احتكاراتها.
ما يجعلني غير متفائل عقاريا بنتيجة هذه الرسوم هو أن ما جرب من حلول كثيرة سابقة لم يخفض سعر بيع شقة من غرفتين في حي متوسط المستوى يقترب من نصف مليون ريال. وهذه شقة معلقة في الهواء فما بالك بأرض مساحتها 500 أو 600 متر مربع. ومع ذلك سأضع نفسي مع المتفائلين إلى أن يجري تطبيق هذه الرسوم ثم نرى إن كانت ستسقط حجرا في جدار المحتكرين أم سترفع أسوارهم وتحافظ على مكاسبهم الباهظة السابقة.
وإذا حدث ولم يؤدِ فرض هذه الرسوم إلى النتيجة الإيجابية المتوقعة لما فيه صالح السواد الأعظم من المواطنين فإنه لا حل سوى مضاعفة الدولة لجهودها في بناء المساكن المناسبة، المعقولة في سعتها وتصاميمها، وتوزيعها على المواطنين ضمن آلياتها الحالية وآلياتها المبتكرة المنتظرة. وإذا إعتبرنا، ضمن هذه الجهود، أن الدولة ستشد حيلها وتوزع سنويا 50 ألف مسكن فسأضمن لكم أن أراضي المحتكرين ستبدأ، رغما عنهم، بالتحرك إلى الأسفل حتى أننا لن نصدق رخصها في المستقبل كما أننا لا نصدق غلاءها الآن..
المصدر :http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20150328/Con20150328761647.htm