أكد التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة، أن العديد من الدول تشهد تشريعات وقوانين متشددة على وتيرة الأنشطة الإقتصادية والإنتاجية، وتواجه هذه التشريعات المزيد من الاعتراض والتعارض مع مصالح القطاع الخاص والقطاعات المالية والخدمية كونها ستؤثر سلبا في خطط التوسع لديها، بالإضافة إلى تأثر معدلات العائد لديها تبعا لصرامة أو ضعف القيود المفروضة من قبل الجهات ذات العلاقة بكل نشاط، وأثبتت التجارب أن للقوانين والتشريعات الكثير من الاوجه المختلفة على مستوى التأثير، إلا أن المحصلة النهائية كانت في صالح فرض المزيد من الشفافية وضبط إيقاع الاسواق على اختلافها، ومنح المستثمرين من كافة الفئات المزيد من الحماية على ممتلكاتهم، ومنح الاسواق المزيد من الأمان، والتي تجلت في رفع مستوى التنافسية على المستوى المحلي الاقليمي والعالمي، وخير مثال على ذلك التأثير الايجابي لحزمة الانظمة والتشريعات على السوق العقاري، حيث يتطلب فرض المزيد من الضوابط على الرغم من التأثيرات السلبية الآنية لهذه الاتجاهات.
وأوضح التقرير إن لكفاءة الاسواق العقارية ومراحل تطورها أهمية في هذا المجال، حيث لا يمكن فرض قوانين وتشريعات متقدمة لا تتوافق وقدرة السوق والقطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها القطاع العقاري على الاستجابة الكاملة، والتوقعات المسبقة والاهداف المراد تحقيقها من هذه القرارات على المدى القصير والمتوسط وطويل الاجل، ويبدو السوق العقاري السعودي أقل استعدادا لفرض مزيد من القيود والتشريعات العقارية وبشكل خاص تلك المتعلقة بفرض القيود على نسب التمويل العقاري، يأتي ذلك في ظل ارتفاع حدة التباين بين خطط وتوجهات تجار قطاع العقارات وبين مؤسسة النقد العربي السعودي بسبب فرض شرط توفير 30% كدفعة أولى من قيمة العقار من قبل الراغبين بتمويل عقارات من مصادرهم الخاصة على أن تقوم البنوك التجارية بتوفير ما نسبته 70% من قيمة العقار محل التمويل، وقد تبدو هذه القوانين مجحفة بحق غير القادرين من الافراد المواطنين وبشكل خاص من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط والذين يبحثون عن السكن المناسب، إلا أن هذه القرارات من شأنها المساهمة وبشكل مباشر في كبح جماح ارتفاع الاسعار السائدة في السوق العقاري السعودي.
وأكد تقرير المزايا أن السوق العقاري الإماراتي أظهر كفاءة أعلى في التجاوب مع التشريعات والضوابط التي أصدرها البنك المركزي الاماراتي في نهاية العام 2013 ضمن النظام الشامل للرهن العقاري، والتي حدد بموجبها حدود التمويل من قبل المصارف العاملة بالدولة بنسب تصل إلى 80% من قيمة العقار للمواطنين للمنزل الاول للمالك وبقيمة لا تزيد على خمسة ملايين درهم وبنسبة 75% لغير المواطنين للعقار الذي لا تزيد قيمته على خمسة ملايين درهم ايضا، فيما حدد النظام الجديد نسبة تمويل لا تزيد على 50% للعقارات التي يتم شراؤها قبل الانشاء، فيما ستكون مدة سداد القرض العقاري بحد أقصى 25 عاما، وشدد النظام على أهمية توفر الشفافية على الرسوم والخصومات وأسعار الفائدة أو الربح وضرورة تزويد المقترض بكافة المعلومات ذات العلاقة، وأكد محافظ البنك المركزي آنذاك أن للنظام تأثيرا إيجابيا على سوق التمويل العقاري على مستوى المصارف وعلى مستوى الفئات المستفيدة من هذا النظام، في المقابل يقول تقرير المزايا إن وتيرة النشاط لم تتأثر كثيرا بهذا النظام نظرا لأهميته في ضبط إيقاع السوق، وتنظيم العلاقة بين الجهات الممولة والمقترضين دون أن يكون لذلك تأثيرات سلبية على وتيرة النشاط والاسعار كون النشاط المسجل لدى السوق مصدره المستخدم النهائي في الغالب.
وتطرق التقرير إلى وتيرة النشاط العقاري المسجلة منذ بداية العام الحالي، والتي أظهرت المزيد من التباينات والتحديات والتطورات الايجابية والسلبية نتيجة لتداعيات أسواق النفط والتوقعات المتحفظة على وتيرة النشاط والطلب خلال الاعوام القادمة إذا ما تراجع حجم الانفاق الحكومي وتبدلت أولويات الانفاق الحكومي، وفي السياق يقول تقرير المزايا إن أهمية أنظمة وضوابط التمويل العقاري تستحوذ على نفس درجة الاهمية في ظروف التراجع وظروف الانتعاش على حد سواء وأن أسواق المنطقة بحاجة إلى مزيد من الضوابط والتشريعات كون اقتصادات المنطقة تصنف ضمن الاقتصادات الفتية والحديثة وأن بناء هذه الاقتصادات يتطلب اسواقا مستقرة وخططا تنموية مدروسة، وقدرة على التكيف مع كافة الاحداث والتطورات بكفاءة، مع التأكيد على أن الاسواق العقارية التي ينشط فيها الفكر والطلب الاستثماري المحلي والخارجي ستكون أكثر استقراراً وكفاءة على مستوى العرض والطلب والاستجابة للضوابط والتشريعات من الاسواق التي يشكل الطلب المحلي فقط الحصة الاكبر من الحراك العقاري المسجل.
وشدد على أهمية التمويل العقاري المقدم من القطاع المصرفي وقنوات التمويل المتخصصة، في تحريك الاسواق العقارية على مستوى دول المنطقة والعالم ودوره في نقله من حالة الركود والتراجع إلى حالة النمو والانتعاش، ذلك أن قوة التمويل واستمراره تؤثر وبشكل مباشر في آليات العرض والطلب معا، الامر الذي يدفع باتجاه وجود آليات وأنظمة على درجة عالية من الدقة والمرونة لتحديد العلاقة بين العرض والتمويل العقاري، والتمويل والطلب العقاري، لأن أي خلل على هذه المعادلة سيؤدي إلى الاخلال في السوق العقاري لدى دول المنطقة، ويؤكد تقرير المزايا أن ضعف أو انحسار التمويل العقاري سيضر كثيرا في المناخ الاستثماري والتطوير العقاري على حد سواء، وأن عدم وجود أنظمة للرهن العقاري وتوفر قنوات استثمارية عقارية قوية تستهدف كافة فئات المستثمرين وبشكل خاص الصغار منهم وذلك لتلبية كافة أنواع الطلب وسد الحاجة المتنامية إلى التمويل العقاري لدى أسواق المنطقة سيكون لها تداعيات سلبية كثيرة على القطاع والفئات المستهدفة، مع التأكيد على الحاجة إلى سد الفجوة بين التمويل العقاري المتاح والمتطلبات التمويلية الضخمة للعدد الكبير من المشروعات العقارية التي تم الاعلان عنها في كافة الظروف والمواقع وذلك للحيلولة دون استمرار التذبذب والضعف لدى السوق العقاري.